كتاب جامع لمسائل


 | في الموطأ | قال صاحب المنتفى قوله & يسلم الراكب على الماشي معناه يبدؤه بالسلام ويرد الآخر عليه | وابتداء السلام سنة ورده واجب | قال البراء بن عازب أمرنا & بسبع بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر الضعيف وعون المظلوم وإفشاء السلام وإبرار القسم | ووجوب الرد من قوله تعالى ! 2 < وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها > 2 ! ولأنه تعين حقه بالبداءة | وصفة السلام أن يقول المبتدئ السلام عليكم ويقول الراد وعليكم السلام أو السلام عليكم كما قيل له | ووقع للشافعية أنه لا يجزئ إلا بالواو على أحد القولين لأنه ليس مجاوبا بل الآخر مبتدئ | وكره مالك أن يقول سلم الله عليك | وكان الراكب يبدأ لأنه أفضل من الماشي في الدنيا والأفضل أولى بالتكليف ولأنه أقدر فالخوف منه أشد فناسب أن يؤمن بالسلام ولأنه ينفي الكبرعن الراكب | ويسلم المار على الجالس لأنه لقيامه أقوى على البطش أو لأن الجالس لو كلف ذلك مع كثرة المارين لشق عليه فإذا لم يلزمه إلا الرد لم يشق عليه فإذا استويا في المرور والالتقاء ابتدأ من حقه أقل على الأفضل منه لأن الأدنى مأمور ببر الأعلى | وفي الحديث
( يسلم الماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير ) لأن الكثير طاعة الله منهم أكثر باعتبار مجموع عباداتهم فيتعين برهم على القليل وبر الكبير على الصغير | ولا خلاف أن ابتداء السلام سنة أو فرض كفاية يسقط بواحد وأن رد السلام فرض على الكفاية | وعن أبي يوسف يلزم الجميع الرد | لنا الحديث المتقدم والقياس على الابتداء | وينتهي السلام للبركة ولا يزاد على الثلاث كلمات | قال الشيخ أبو محمد المصافحة حسنة وعن مالك الناس يفعلونها وأما أنا فلا
____________________
(13/290)

أفعله ، لأن السلام ينتهي للبركة فلا يزاد عليه قول ولا فعل ممنوع كالمعانقة وأجازها أنس بن مالك وكانت في الصحابة رضي الله عنهم | ولم يكره مالك السلام على المتجالة بخلاف الشابة لأن الهرمة لا فتنة في كلامها | والسلام شعار الإسلام عند لقاء كل مسلم عرفته أم لا إلا أن يمنع منه مانع | سئل رسول الله & أي السلام خير قال
( تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) | وابتداء الذمي بالسلام غير مشروع ويرد عليهم بقوله وعليكم فإن قالوا شرا عاد عليهم | ففي الحديث
( إذ سلم عليكم أهل الذمة فقولوا وعليكم ) | وفي الحديث
( لا تبتدئوا اليهود والنصارى بالسلام ) | فعلى هذا تكون الآية خاصة بالمسلمين في الرد | قال مالك وإن سلم على الذمي فلا يستقيله لعدم الفائدة وعن عبد الله بن عمر أنه استقاله ليلا يعتقد أن المسلم يعتقد ذلك | ولا يسلم على المبتدعة ولا أهل الأهواء تأديبا لهم | وفي الموطأ كان عبد الله بن عمر يمر بالسوق ولا يمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا عبد إلا سلم عليه | وسلم عليه رجل فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والغاديات والرائحات فقال له عبد الله وعليك ألفا كأنه كره ذلك | قال الباجي قال ابن دينار معناه الطير التي تغدو وتروح قال الباجي ويحتمل الملائكة الحفظة الغادية الرائحة | قلت الذي يناسب الكلام أن الغاديات والرائحات الخيرات والبركات والنعم التي تغدو أول النهار عليه وتروح بعد الزوال ، لأن الحركات قبل الزوال تسمى غدوا وبعده رواحا | وقول عبد الله وعليك ألفا قال ابن دينار معناه ألف كسلامك على معنى الكراهية لتعمقه في الزيادة على البركة | ثم كره كونه أيضا تجاوزوا | في الموطأ مالك بلغه أنه إذا دخل البيت غير المسكون يقول السلام علينا وعلى
____________________
(13/291)

عباد الله الصالحين | قال الباجي إذا لم يكن فيه من يسلم عليه فليسلم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين كما يفعله في التشهد لقوله تعالى ! 2 < فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم > 2 ! قال ابن عباس معناه إذا دخلتم بيوتا فقولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين | وإذا دخل الإنسان منزلة ينبغي أن يسلم على أهله | قال صاحب القبس يقال السلام معرفا السلام عليكم بالألف واللام ومنكرا سلاما عليكم | فإن نكر فهو مصدر تقديره ألقيت عليك مني سلاما فألق علي سلاما منك وإن عرف احتمل أن يكون مصدرا معرفا واحتمل أن يكون اسم الله تعالى معناه الله رقيب عليك | والسنة تقديم السلام على عليك ويكره عليكم السلام | ففي أبي داود قال رجل لرسول الله & عليك السلام فقال له النبي & قل سلام عليك فإن عليك السلام تحية الميت يشير & إلى ما وردت به اللغة في قولهم : % ( عليك سلام الله قيس بن عاصم % ورحمته ما شاء أن يترحما ) % | وكقولك الآخر : % ( عليك سلام الله مني وباركت % يد الله في ذاك الأديم الممزق ) % ( فرع ) | في المقدمات يكره تقبيل اليد في السلام | وسئل مالك عن الرجل يقدم من السفر فيقبل غلامه يده فقال تركه أحسن | قال أبو الوليد ينبغي أن ينهي مولاه عن ذلك لأنه بالاعتقاد صار أخاه في الله فلعله أفضل منه عند الله إلا أن يكون غير مسلم فلا ينهاه لأن رسول الله & سأله اليهود مختبرين له عن تسع آيات بينات فلما أخبرهم بها قبلوا يديه ورجليه
____________________
(13/292)

( فرع ) | قال ينبغي في الرد على الذمة أن يقول عليكم بغير واو كما في الموطأ | فإن تحققت أنهم قالوا السلام عليك وهو الموت أو السِّلام بكسر السين وهو الحجارة فإن شئت قلت وعليك بالواو لأنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا لما جاء في مسلم أن اليهود دخلوا على رسول الله & فقالوا السلام عليكم فقال النبي & وعليكم فقالت عائشة رضي الله عنها السلام عليكم ولعنة الله وغضبه يا إخوة القردة والخنازير فقال رسول الله & لعائشة رضي الله عنها عليك بالحلم وإياك والجهل | فقالت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا فقال سمعت ما رددت عليهم فاستجيب لنا فيهم ولم يستجب لهم فينا | وإن لم تتحقق ذلك قلت وعليك بالواو لأنك إن قلت بغير واو وكان هو قد قال السلام عليكم كنت قد نفيت السلام عن نفسك ورددته عليه ( فرع ) | قال الاستقالة من الذمي الذي قال مالك لا تفعل أن تقول إنما ابتدأتك بالسلام لأني ظننتك مسلما فلا تظن أني قصدتك لأنه يجدد غبطة الذمي والسلام من العقود التي تتبع المقاصد ( فرع ) | قال ومعنى عدم السلام على أهل الأهواء أن منهم من يعتقد أن اعتقاده كفر اتفاقا فلا يسلم عليه ومنهم من لا يختلف أنه ليس بكافر فلا يختلف أنه يسلم عليه ويحتمل قول مالك هذا ويحتمل أن لا يسلم عليهم أدبا لهم لأن قولهم يؤول إلى الكفر ( فرع ) | قال صاحب البيان قال مالك إذا مر بقبر رسول الله & سلم عليه وإن لم
____________________
(13/293)

يمر به فلا | وسئل عن الغريب يأتي قبر النبي & كل يوم فقال ما هذا من الأمر لكن إذا أراد الخروج | ويكره له أن يكثر المرور به ليسلم عليه لقوله &
( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ) | وفي حديث اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد | وصفة السلام قال مالك يأتي القبر من جهة القبلة حتى إذا دنا سلم وصلى ودعا وانصرف ويذكر أبا بكر وعمر إن شاء | والسلام على رسول الله & في قبره كالسلام في التشهد في الصلاة السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته | والصلاة عليه كالصلاة عليه في الصلاة إلا أنه يقول ذلك بلفظ المخاطب | ومعنى الصلاة عليه الدعاء له إلا أنه يخص بلفظ الصلاة دون الدعاء لقول الله عز وجل ! 2 < لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا > 2 ! فتقول اللهم صل على محمد ولا تقل اللهم ارحم محمدا أو اغفر لمحمد وارض عن محمد | ولا اللهم صل على فلان وتقول اللهم ارحم فلانا ولا تصل على غيره إلا معه | فائدة موضعان فيهما الواو وحذفها السلام وربنا ولك الحمد في الصلاة | فإثباتها يقتضي معطوفا ومعطوفا عليه فيصير الكلام جملتين ويكون التقدير على السلام وعليكم السلام فيصير الراد مسلما على نفسه مرتين | وفي الصلاة يكون التقدير ربنا ولك الحمد ولك الثناء فيكون مثنيا على الله مرتين | وبغير واو يكون الكلام جملة واحدة فبهذا يترجح إثباتها على حذفها | فائدة اختلف العلماء في قوله تعالى ! 2 < وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها > 2 ! قال ابن عطية في تفسيره قيل أو للتنويع لا للتخيير وقيل للتخيير معناه أن الإنسان مخير في أن يرد أحسن أو يقتصر على لفظ المبتدئ إن
____________________
(13/294)

كان قد وقف دون البركات وإلا بطل التخيير لتعين المساواة | وقيل لا بد من الانتهاء إلى لفظ البركات مطلقا بل الرد وإن تعين بالانتهاء إلى لفظ البركات يتنوع إلى المثل إن كان المبتدئ | انتهي للبركات وإلى الأحسن إن كان المبتدئ اقتصر دون البركات فهذا معنى التخيير والتنويع ( النوع الثالث عشر الاستئذان ) | وفي الموطأ سأل رسول الله & رجل فقال يا رسول الله استأذن على أمي فقال نعم | فقال إني معها في البيت | قال رسول الله & استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة قال لا قال فاستأذن عليها | قال الباجي الاستئذان على كل بيت فيه أحد واجب تستأذن ثلاثا فإن أذن لك وإلا رجعت لقول الله تعالى ! 2 < لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها > 2 ! قال مالك الاستيناس الاستئذان ثلاثا | قال &
( إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ) | وقال الباجي لا يزيد على الثلاث إلا أن يعلم أن استئذانه لم يسمع | ويستأذن على أمه وذوات محارمه وكل من لا يحل له النظر إلى عورته بخلاف الزوجة والأمة | وقال ابن نافع لا يزيد على الثلاث وإن ظن أنهم لم يسمعوا اتباعا للحديث | قال ولا بأس إن عرفت أحدا أن تدعوه ليخرج إليك | وصفة الاستئذان أن يقول سلام عليكم أأدخل أو السلام عليكم لا يزيد عليه قاله ابن نافع | وقال ابن القاسم الأستيناس أن تسلم ثلاثا وإن قيل لك من هذا فسم نفسك بما تعرف به ولا تقول أنا لأن جابر بن عبد الله استأذن على رسول الله & فقال من هذا قال فقلت أنا فقال رسول الله &
( أنا على معنى الإنكار | وإن سمى نفسه أولا في الاستئذان فحسن لأن أبا موسى جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
____________________
(13/295)

فقال السلام عليكم هذا أبو موسى فلم يأذن فقال السلام عليكم هذا الأشعري ثم انصرف فقال ردوه علي فقال له ما ردك كنا في شغل | في البيان قال مالك الأستيناس التسليم وإن اذن له من باب الدار فليس له أن يستأذن إذا وصل باب البيت | قال صاحب البيان وتغيير الاستيناس بالتسليم بعيد لقول الله تعالى ! 2 < حتى تستأنسوا وتسلموا > 2 ! فغاير بينهما وعن مالك الاستيناس الاستئذان وهو الصحيح وعليه أكثر المفسرين | وقيل حتى تونسوا أهل البيت بالتنحنح والتنخم وانحوه حتى يعلموا إرادتكم الدخول | وقال الفراء في الكلام تقديم وتأخير تقديره حتى تسلموا وتستأذنوا وهو أن تقول السلام عليكم أأدخل لأن ابن مسعود كان يقرؤها حتى تسلموا على أهلها وتسأذنوا | واختلف في استئذان أبي موسى على عمر رضي الله عنهما فروي السلام عليكم أأدخل كما تقدم وروى أنه قال يستأذن أبو موسى يستأذن عبد الله بن قيس | قال صاحب القبس الاستئذان استفعال من الإذن وعمه الله في كل موضع وجعله أصلا في كل رقبة وهيبة لكل منزل حتى قال النبي & في حديث الشفاعة فآتي فاستأذن على ربي في داره فيؤذن لي | ووقته مأخوذ من قوله تعالى ! 2 < ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم > 2 ! الآية | والآذن هو من كان من أهل المنزل وإن كان الصبي الصغير الذي يعقل الحجبة ويفهم الإذن ( النوع الرابع عشر الملاقاة وما يتعلق بها من المصافحة والمعانقة ونحو ذلك ) | وفي الموطأ قال &
( تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تتحابوا وتذهب الشحناء ) | وفي غيره إذا تلاقى الرجلان فتصافحا تحاثت ذنوبها وكان أقربهما إلى الله أكثرهما بشرا | قال الباجي يحتمل أن يريد المصافحة بالأيدي
____________________
(13/296)

وقال علقمة تمام التحية المصافحة | وجوز مالك المصافحة ودخل عليه سفيان ابن عيينة فصافحه وقال لولا أن المعانقة بدعة لعانقتك | فقال سفيان عانق من هو خير مني ومنك النبي & لجعفر حين قدم من أرض الحبشة | قال مالك ذلك خاص قال سفيان بل عام ما يخص جعفرا يخصنا وما يعمه يعمنا إذا كنا صالحين | أفتأذن لي أن أحدث في مجلسك قال نعم يا أبا محمد | قال حدثني عبد الله ابن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عباس لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة اعتنقه النبي & وقبل بين عينيه وقال جعفر أشبه الناس بنا خَلْقاً وخُلُقا يا جعفر ما أعجب ما رأيت بأرض الحبشة قال يا رسول الله بينا أنا أمشي في بعض أزقتها إذا سوداء على رأسها مكيل بر فصدمها رجل على دابته فوضع مكيلها وانتشر برها فأقبلت تجمعه من التراب وهي تقول ويل للظالم من ديان يوم القيامة ويل للظالم من المظلوم يوم القيامة | فقال النبي &
( لا يقدس الله أمة لا تأخذ لضعيفها من قويها حقه غير مقنع ) | ثم قال سفيان قدمت لأصلي في مسجد النبي & وأبشرك برؤيا رأيتها نامت عينك خيرا إن شاء الله | قال سفيان رأيت كأن قبر رسول الله & انشق فأقبل الناس يهرعون من كل جانب والنبي & يرد بأحسن رد | قال سفيان فأتي بك والله أعرفك في منامي كما أعرفك في يقظتي فسملت عليه فرد عليك السلام ثم رمي في حجرك بخاتم نزعه من أصابعه فاتق الله فيما أعطاك & | فبكى مالك بكاء شديدا | قال سفيان السلام عليكم قال خارج الساعة قال نعم فودعه مالك وخرج | وعن مالك كراهة المصافحة والمعانقة وعلى هذه الرواية المصافحة التي في الحديث صفح بعضهم عن بعض من العفو | قال وهو أشبه لأنه يذهب بالغل غالبا | واحتج مالك على منع المصافحة باليد بقوله تعالى ! 2 < إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام > 2 ! ولم يذكر مصافحته ولأن السلام ينتهى فيه
____________________
(13/297)

للبركات | قال قتادة قلت لأنس أكانت المصافحة في أصحاب النبي & قال نعم ولأنها تمام المودة فناسب أيضا إذهاب الغل | وفي القبس قال &
( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما ) | قال صاحب المقدمات المصافحة مستحبة وهو المشهور وإنما كره المعانقة لأنه لم يرو عن رسول الله & أنه فعلها إلا مع جعفر ولم يصحبها العلم من الصحابة بعده & ولأن النفوس تنفر عنها لأنها لا تكون إلا لوداع أو من فرط ألم الشوق أو مع الأهل والمصافحة فيها العمل | ويكره تقبيل اليد في السلام لاحتمال أن يكون أفضل منه عند الله | وسألت اليهود رسول الله & عن تسع آيات بينات فقال لهم
( لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تمشوا ببريء إلى السلطان ليقتله ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا محصنة ولا تولوا الفرار يوم الزحف وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت فقاموا فقبلوا يده ورجله وقالوا نشهد أنك نبي | قال فما يمنعكم أن تتبعوني قالوا إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود | قال الترمذي حديث حسن صحيح | قال صاحب البيان ففعل اليهود ذلك مع المسلم لا يكره | وكان عبد الله بن عمر إذا قدم من سفره قيل سالما وقال شيخ يقبل شيخا إعلاما أن هذا جائز على هذا الوجه لا على وجه مكروه | قالت عائشة رضي الله عنها وقدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله & في شيء فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله & عريانا يجر ثوبه والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله | قال الترمذي حديث حسن غريب | وقبل رسول الله & جعفرا حين قدم من الحبشة | وأما القبلة في الفم للرجل من الرجل فلا رخصة فيها بوجه | قال ابن يونس قال مالك إذا قدم من سفره فلا بأس أن تقبله ابنته وأخته
____________________
(13/298)

ولا بأس أن يقبل خد ابنته وكره أن تقبله ختنته ومعتقته وإن كانت متجالة | وأجاز مالك المعانقة في رسالته لهارون الرشيد أن يعانق قريبه إذا قدم من السفر وقيل هذه الرسالة لم تثبت لمالك | قال مالك ويقال من تعظيم الله تعالى تعظيم ذي الشيبة المسلم فالرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه فيجلسه في مجلسه قال يكره ذلك ولا بأس أن يوسع له | قيل فالمرأة تلقى زوجها تبالغ في بره وتنزع ثيابه ونعليه وتقف حتى يجلس قال ذلك حسن غير قيامها حتى يجلس وهذا فعل الجبابرة | وربما كان الناس ينتظرونه فإذا طلع قاموا ليس هذا من فعل الإسلام | وفعل ذلك لعمر ابن عبد العزيز أول ما ولي حين خرج إلى الناس فأنكره وقال إن تقوموا نقم وإن تقعدوا نقعد وإنما يقوم الناس لرب العالمين | وقال &
( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ) | قيل له فالرجل يقبل يد الرجل أو رأسه قال هو من عمل الأعاجم لا من عمل الناس | وأما تقبيل رأس ابنه فخفيف ولا يقبل خد ابنه أو عمه قال لم يفعله الماضون | قال صاحب البيان القيام أربعة أقسام حرام إذا فعل تعظيما لمن يحبه تجبرا على العالمين ومكروه إذا فعل تعظيما لمن لا يحبه كذلك لأنه يشبه فعل الجبابرة ولتوقع فساد قلب المقوم له ومباح إذا فعل إجلالا لمن لا يريده ومندوب للقادم من السفر فرحا بقدومه ليسلم عليه أو يشكر إحسانه أو للقادم المصاب ليعزيه في مصيبته | وبهذا بجمع بين قوله & من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار وبين قيامه & لعكرمة بن أبي جهل لما قدم من اليمن فرحا بقدومه وقيام طلحة ابن عبيد الله لكعب بن مالك ليهنئه بتوبة الله بحضوره ع & ولم ينكسر عليه ولا قام من مجلسه فكان كعب يقول لا أنساها لطلحة | وكان & يكره أن يقام له فكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لعلمهم
____________________
(13/299)

بكراهية لذلك وإذا قام إلى بيته لم يزالوا قياما حتى يدخل بيته لما يلزمهم من تعظيمه قبل علمهم بكراهيته لذلك | وقال & للأنصار قوموا لسيدكم قيل تعظيما له وهو لا يحب ذلك وقيل ليعينوه على النزور على الدابة | تنبيه حضرت عند الشيخ عز الدين ابن عبد السلام من أعيان العلماء الشافعية الربانيين فحضرته فتيا ما تقول في القيام الذي أحدثه الناس في هذا الزمان هل يحرم أم لا فكتب رحمه الله قال رسول الله &
( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ) | وترك القيام في هذا الوقت يفضي للمقاطعة والمدابرة فلو قيل بوجوبه ما كان بعيدا | فقرأتها بعد كتابته رحمه الله والناس تحدث لهم أحكام بقدر ما يحدثون من السياسات والمعاملات والاحتياطات وهي على القوانين الأولى غير أن الأسباب تجددت ولم يكن في السلف | وقد بسطت من هذا طرفا في ولاية المظالم في كتاب الأقضية | ويلحق بالقيام النعوت المعتادة وأنواع المكاتبات على ما قرره الناس في المخاطبات وهذا النوع كثير لم تكن أسبابه في السلف غير أنه قد تقرر في قاعدة الشرع اعتباره هذه الأسباب كما قال الشيخ رضي الله عنه فإذا وجدت وجب اعتبارها | وفي هذا التنبيه كفاية ( النوع الخامس عشر تشميت العاطش ) | وفي الموطأ قال & إن عطس فشمته ثم إن عطس فشمته ثم إن عطس فقل إنك مضنوك | قال الراوي بعد الثلاث أو الأربعة | قال الباجي يقال بالشين المعجمة والمهملة فبالشين قال ثعلب إبعاد الشماتة والتسميت إثبات السمت الحسن له | وقيل التشميت بالشين المعجمة من الشوامت وهي الأعضاء أي أبقى الله شوامتك على حالها | وسببه أن العطاس حركة من الدماغ لدفع ما يرد عليه من المؤذي كما أن السعال حركة الصدر لدفع ما يؤذيه والفواق حركة المعدة لدفع ما يؤذيها | وحركة الدماغ في العطاس أشد لأنه موضع الحواس ومبدأ الأعصاب وتستعين بحركة الصدر وغيره فتكون حركته
____________________
(13/300)

عظيمة فربما انصبت مادة خلطته لبعض الحواس أو بعض الأعضاء فحصلت لقوة أو فساد فيشمت به أعداؤه لتغير سمته فإذا دعي له بالرحمة اندفعت الشماتة من الأعذاء ويحفظ السمت بفضل الله تعالى | وكانت الجاهلية تتطير بالعطاس إلى ثلاث مرات وتجعلها شؤما فأعلم صاحب الشرع أنها رحمة من الله تعالى واقتصر بقولنا يرحمك الله على الثلاثة التي كانت الجاهلية تتشاءم بها إثباتا للضد ولهذا السر قيل له في الرابعة إنه مضنوك أي مزكوم ورد تفسره في الحديث بذلك | وخصص الأفعال بمكان التطير إذ هو موضع الحاجة للمضادة وإبطال التطير | قال الباجي وحق التحميد إنما يثبت لمن حمد الله تعالى | قال مالك إذا لم يسمعه حمد الله تعالى فلا يشمته إلا أن يكون في حلقة كبيرة ورأي الدين يلونه يشمتونه فيشمته وفي الصحيح عطس رجلان عند رسول الله لله فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقيل له قال هذا أحمد الله وهذا لم يحمده | وينبغي للعاطس أن يسمع من يليه التحميد | وإن عطس في الصلاة فلا يحمد الله إلا في نفسه لشغله بصلاته عن الذكر ولا يشمت أيضا غيره | وعن سحنون ولا في نفسه | وعن مالك يحمد الله ويصلي على محمد & إذا رأى من يعجبه | ويجزئ في التشميت واحد من الجماعة كالسلام | وقال ابن مزين هو بخلاف السلام ويشمت الجميع لقوله & إذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته ولأنه دعاء والاستكثار منه حسن والسلام إظهار لشعائر الإسلام كالأذان يكفي واحد منهم | والتشميت على ظاهر مذهب مالك واجب على الكفاية وقال القاضي أبو محمد مندوب كابتداء السالم | ووجه الأول الأول أن ظاهر أمره &
____________________
(13/301)

فشمتوه الوجوب | وعن مالك يبلغ بالتشميت ثلاثا ويقول بعد التشميت يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم كان عبد الله بن عمر يفعله | وعن رسول الله & فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم وإن شاء قال يغفر لنا ولكم وهو مذهب الشافعي ومنع أبو حنيفة أن يقول يهديكم الله ويصلح بالكم لأن الخوارج كانت تقوله فلا يستغفرون للناس ولأنه & إنما كان يقوله لليهود | وفي القبس قال &
( العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان ) لأن التثاؤب إنما يكون عن الكسل فأضيف للشيطان على سبيل الأدب كما قال الخليل عليه السلام ! 2 < والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين > 2 ! وعنه & فإذا عطس فليحمد الله وليخمر وجهه فإنه يرد الله شوامته على حالها | كما إذا تثاءب فليجعل يده على فيه ولا يفتحها للشيطان فإنه يضحك به ولا يصرف وجهه يمينا ولا شمالا فإن بعضهم صرفه فبقي بقية عمره كذلك | قال صاحب البيان اختار عبد الوهاب يهديكم الله ويصلح بالكم على يغفر الله لنا ولكم لأن المغفرة لا تكون إلا مع الذنوب والهداية لا تتوقف على الذنب | قال وعندي المغفرة أولى لأنه لا ينفك أحد عن ذنب والحاجة إلى المغفرة أكثر فإن جمع بنيهما كان أحسن إلا في الكافر الذي إذا عطس وحمد الله تعالى فلا يقال له يرحكم الله بل يهديك الله ويصلح بالك لأن الكافر لا يغفر له حتى يؤمن ( النوع السادس عشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) | قال رسول الله &
( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث الله عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) | قال الترمذي حديث
____________________
(13/302)

حسن | وفي الجواهر إنما يومر بالمعروف وينهى عن المنكر بثلاثة شروط | الأول أن يعلم ما يأمر به وينهى عنه | الثاني أن يأمن أن يؤدي إنكاره المنكر إلى منكر أكثر منه مثل أن ينهى عن شرب الخمر فيؤول نهيه عنه إلى قتل النفس ونحوه | الثالث أن يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له وأن أمره بالمعروف مؤثر فيه ونافع | وفقد أحد الشرطين الأولين يمنع الجواز وفقد الثالث يسقط الوجوب ويبقى الجواز والندب | ثم مراتب الإنكار ثلاث أقواها أن يغير بيده وإن لم يقدر على ذلك انتقل للمرتبة الثانية فيغير بلسانه إن استطاع وليكن برفق ولين ووعظ إن احتاج إليه لقوله &
( من أمر منكم بمعروف فليكن أمره بالمعروف ) | وقال الله تعالى ! 2 < فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى > 2 ! فإن لم يقدر انتقل للرتبة الثالثة وهي الإنكار بالقلب وهي أضعفها | قال &
( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) أخرجه أبو داود وفي الصحاح نحوه | وفيه وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل | سؤال سؤال قد نجد أعظم الناس إيمانا يعجز عن الإنكار وعجزه لا ينافي تعظيمه لله تعالى وإيمانه به لأن الشرع منعه بسبب عجزه عن الإنكار لكونه يؤدي إلى مفسدة أعظم | أو نقول لا يلزم من العجز عن القربة نقص الإيمان بها كالصلاة فما معنى قوله & ذلك أضعف الإيمان | الجواب المراد بالإيمان هنا الإيمان الفعلي الوارد في قوله تعالى ! 2 < وما كان الله ليضيع إيمانكم > 2 ! أي صلاتكم للبيت المقدس | وقال &
( الإيمان
____________________
(13/303)

سبع وخمسون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) | وأقوى الإيمان الفعلي إزالة اليد ثم القول لأنه قد يؤثر في الإزالة وإنكار القلب لا يؤثر في إزالة فهو أضعفها | أو يلاحظ عدم تأثيره في الإزالة فيبقى مطلقا وهو الرواية الأخرى | قال محمد ابن يونس قال مالك ضرب محمد بن المنكدر وأصحابه في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وضرب ربيعة وحلق رأسه ولحيته في شيء غير هذا وضرب ابن المسيب وأدخل في تبان من شعر | وقال عمر بن عبد العزيز ما أغبط رجالا لم يصبهم في هذا الأمر أذى | ودخل أبو بكر بن عبد الرحمن وعكرمة ابن عبد الرحمن على ابن المسيب في السجن وقد ضرب ضربا شديدا فقالا له اتق الله فإنا نخاف على دمك فقال اخرجا عني أتراني ألعب بديني كما لعبتما بدينكما | وقال ابن مسعود تكلموا بالحق تعرفوا به | واعلموا به تكونوا من أهله | قال مالك ينبغي للناس أن يأمروا بطاعة الله فإن عصوا كانوا شهودا على من عصاه | ويأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن المنكر ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة | قال سعيد بن جبير لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد ولا نهى عن منكر | تنبيه قال بعض العلماء لا يشترط في النهي عن المنكر أن يكون الملابس له عاصيا بل يشترط أن يكون ملابسا لمفسدة واجبة الدفع أو تاركا لمصلحة واجبة الحصول | وله أمثلة أحدها أمر الجاهل بمعروف لا يعرف إيجابه أو نهيه عن منكر لا يعرف تحريمه | وثانيها قتل البغاة | وثالثها ضرب الصبيان على ترك الصلاة | ورابعها قتل المجانين والصبيان إذا صالوا على الدماء والأبضاع ولم يمكن دفعهم إلا بقتلهم | وخامسا أن يوكل وكيلا بالقصاص ثم يعفو ويخبر الوكيل فاسق بالعفو أو متهم فلا يصدقه فأراد القصاص فللفاسق أن يدفعه بالقتل إذا لم يمكن إلا به دفعا لمفسدة القتل بغير حق | وسادسها وكله في بيع جارية
____________________
(13/304)

فباعها فأراد الموكل أن يطأها ظنا منه أن الوكيل لم يبعها فأخبره المشتري أنه اشتراها فلم يصدقه فللمشتري دفعه ولو بالقتل | وسابعها ضرب البهائم للتعليم والرياضة دفعا لمفسدة الشراس والجماح ( فرع ) | قال العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إجماعا على الفور فمن أمكنه أن يأمر بمعروف وجب عليه الجمع | مثاله أن يرى جماعة تركوا الصلاة يأمرهم بكلمة واحدة قوموا للصلاة ( فرع ) | من أتى شيئا مختلفا فيه وهو يعتقد تحريمه أنكر عليه لانتهاكه الحرمة وإن اعتقد بحليته لم ينكر عليه إلا أن يكون مدرك الحل ضعيفا ينقض الحكم بمثله لبطلانه في الشرع كواطئ الجارية بالإباحة معتقدا لمذهب عطاء وشارب النبيذ معتقدا مذهب أبي حنفية | وإن لم يكن معتقدا تحريما ولا تحليلا أرشد لاجتنابه من غير ترجيح ( النوع السابع عشر مداواة الأمراض والتمريض والرفاد نحوه ) | قال رسول الله & إذا مرض العبد بعث الله ملكين فقال انظروا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاؤه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله عز وجل وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته | وفيه قال &
( لا يصيب المؤمن مصيبة حتى الشوكة وإن صغرت إلا أوجر بها أو كفر بها من خطاياه ) شك الراوي | وقال & من يرد الله به خيرا يصب منه | قال عثمان بن أبي العاصي أتيت رسول الله & وبي وجع كاد يهلكني فقال رسول الله & امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من
____________________
(13/305)

شر ما أجد ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل عني ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم | وكان & إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث | قالت عائشة رضي الله عنها فلما اشتد وجعه كنت أنا أقرأ عليه وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها | وأصاب رجلا في زمان رسول الله & جرح فاحتقن الدم في الجرح فدعا برجلين من بني أنمار فقال لهما رسول الله & أيكما أطيب فقالا أوفي الطب خير فقال رسول الله & أنزل الدواء الذي أنزل الداء | وكان رسول الله & يقول الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء | وقال & إذا عاد الرجل المريض خاض للرحمة فإذا قعد عنده قر فيها | وكلها في الموطأ | قال الباجي في الصحيح أن ابن مسعود قال لرسول الله & إنك لتوعك وعكا شديدا فقال أجل كما يوعك رجلان منكم لم يرد به & التشكي | وبه يجمع بينه وبين ما تقدم في الحديث الأول | وخص الله تعالى عدد السبع بالدواء قال & ما تقدم وقال هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن لعلي أعهد إلى الناس | قال ابن دينار النفث شبه البصق ولا يلقي شيئا كما ينفث آكل الزبيب بل يسيرا من الريق | والثفل إلقاء الريق | وكان رسول الله & ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه | وعنه & إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين ويمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده | وكره مالك الذي يرقي بالحديدة والملح والذي يكتب ويعقد فيما يعلق عقدا والذي يكتب خاتم سليمان وكان العقد عنده أشد كراهة لمشابهته للسحر ولقوله تعالى ! 2 < ومن شر النفاثات في العقد > 2 ! وكانت عائشة رضي الله عنها كثيرة الاسترقاء حتى ترقي البثرة الصغيرة
____________________
(13/306)

| قال مالك ينهى الإمام الأطباء عن الدواء إلا طبيبا معروفا ولا يشرب من دوائهم إلا ما يعرف | وقوله & أنزل الدواء أي أعلمهم إياه وأذن لهم فيه | وعنه & ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء | وهو يدل على جواز المعالجة | ومن المعالجة الجائزة حمية المريض | وحمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مريضا حتى كان يمص النوي من الجوع | وكان الصحابة رضي الله عنهم يكتوون من الذبحة واللقوة وذات الجنب وهو يعلم بهم | وقال &
( الشفاء في ثلاث في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنا أنهي أمتي عن الكي ) | وهو نهي كراهة وأمر بالأخذ بالأفضل وهو التوكل على الله تعالى لقوله & سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ثم قال هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتؤون وعلى ربهم يتوكلون | قال الباجي وإنما كان التوكل من التداوي لعدم تيقن البرء | قال غيريه لا يمكن أن يقال التوكل أفضل من الكي والمداواة والرقا فإن رسول الله & مازال يرقي نفسه إلى آخر مرض موته وكوى وأمر بالكي ولا يترك رسول الله & الأفضل طول عمره ومتابعة عائشة رضي الله عنها على ذلك يأبى الأفضلية | وكان رسول الله & من أكثر الناس استعمالا للطب وقال في الرطب والقثاء يذهب حر هذه برد هذه | وكان يكثر الرياضة واستعمال الطيب وهو من أعظم أنواع الطب | وروى ابن ماجة أنه كان يشرب كل يوم قدحا من ماء الغسل وهو يجلو المعدة والكبد والكلى وينقي الأعضاء الباطنة ويثير الحرارة | وكان يتداوى حتى يتداوى بالخواص التي يتوهم نفعها | في الحديث الوارد في سبع قرب ونحوه | وهذا في غاية الإعراض لما قاله الباجي | بل كان رسول الله & سيد المتوكلين وكان يتوكل على الله ويطلب فضله في أسبابه الجارية بها عادته | وقد تقدم أن هذا هو الجامع بين الأدب والتوكل وهي طريقة الأنبياء عليهم السلام
____________________
(13/307)

والصديقين وخواص المؤمنين | بل هذا الحديث محمول على أن هذه العلاجات من الكي وغيرها تارة تستعمل مع تعين أسبابها المقتضية لاستعمالها وتارة مع الشك فيها مع القطع بعدم الحاجة إليها كما يفعل الترك للكي لتهيج الطبيعة فهذه الحالة الأخيرة هي المرادة بالحديث لأنه إيلام وعيب حينئذ فحسن المدح بتركه أما الحالة الأولى فلا | وهذا طريق صالح للجمع بين فعله & وفعل أصحابه وخواصه وبين هذا الحديث لا سيما والحديث وإن كان عاما في نفي المداواة لكنه مطلق في الأحوال والمطلق يتأدي بصورة فلا تعارض حينئذ | نقل صاحب القبس فيه ثلاثة أقوال أحدها هذا والثاني لا يسترقون بالتمائم كما كانت العرب تفعله والثالث لا يسترقون عند الناس | تنبيه في الصحيح جاء رجل إلى رسول الله & فقال أخي استطلق بطنه فقال اسقه عسلا فسقاه فقال إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال & صدق الله وكذب بطن أخيك | كيف يتصور كذب البطن وكيف يوصف العسل بقطع الإسهال مع أنه مسهل والجواب عن الأول أن الله تعالى قد جعل شفاه في العسل ولكن بعد تكرره إلى غاية يحجب فلما لم يكرره ولم يحصل البرء صدق الله في كونه جعل الشفاء فيه وإنما كان المانع من جهة المناولة وكذب البطن لأنه بظاهر حاله يقول إن هذا ليس شفائي وهو شفاء له وإنما المناولة لم تقع على الوجه الائق | وعن الثاني أن الإسهال قد يكون عن سدة كما تقرر في علم الطب فمداواتها بما يجلوها ويحللها كما يداوى في الزحير الكاذب بالمسهلات وبالمسخنات المفتحة الحميات الكائنة عن السدد وهو كثير عند الأطباء المداواة بالمثل وإنما الغالب المداواة بالضد فلو كرر لانحلت السدة وانقطع الإسهال ( فرع ) | قال الباجي تغسل القرحة بالبول والخمر إذا غسل بعد ذلك | قال مالك إني لأكره الخمر في الدواء وغيره وإنما يدخل هذه الأشياء من يريد الطعن في الدين | والبول عنده أخف ولا يشرب بول الإنسان ليتداوى به لأنه نجاسة
____________________
(13/308)

ورسول الله &
( يقول إن الله لا يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ) أي لم يشرع كما قال تعالى ! 2 < ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة > 2 ! أي لم يشرع وإلا فجعل الخلق موجود | ولا بأس بشرب أبوال الأنعام الثمانية | قيل له كل ما يؤكل لحمله قال لم أقل إلا الأنعام الثمانية ولا خير في أبوال الأتن | قال مالك ولا بأس بالكير من اللقوة ( مسألة ) | في الصحاح قال & إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء | وفي الموطأ كانت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما إذا أوتيت بامرأة قد حمت صبت الماء بينها وبين حبيبها | قال العلماء هذا الحديث يحمل على معنيين أحدهما أن يكون المراد به شرب الماء فقد ذكر فضلاء الأطباء أن الماء العذب البارد من أحسن الأشربة البسيطة وأن شربه يمنع عادية الحميات الحادة ويسكن لهب الصفراء وحر العفوفة ويرطب ما جف من رطوبة الجسد وييبس الصفراء وحرارة الحميات وهو سريع الانحدار خفيف على العليل | وثانيهما أن يحمل على الحمي الحادثة عن سوء مزاج حار عن مادة فإذا حم بالماء من خارج برد مزاجه واعتدل فتزول الحمي | قال في القبس أو يحمل على غسل الأطراف فقط فإنه ينعش القوة وينهض النفس من غير استصحاب | وأما الحمى الكائنة عن المواد العفينة متى حم صاحبها استصحب الجسد واحتقنت الأبخرة في باطن الجسد فكان ذلك سببا لتهييج المواد وإحداث الحميات وربما قتل | وقد وقع كثيرا للمحمومين حموا فماتوا | وكذلك كل حديث ورد في الطب إنما يحمل على ما يليق به من الأمراض والأحوال
____________________
(13/309)

( مسألة ) | قال الباجي قال مطرف إن كان المرضى كالمجذومين ونحوهم مرضهم يسير لا يخرجون من القرى والحواضر وإن كثر اتخذوا لأنفسهم موضعا كما صنع مرضى مكة عد التنعيم منزلتهم ولا يمنعون من الأسواق لحاجاتهم والتطرف للمسألة إذا لم يرزقوا من بيت المال | وقال أصبغ يخرجون من الحواضر وإذا أجري عليهم من بيت المال ما يكفيهم ألزموا بيوتهم أو التنحي إن شاؤا | قال ابن حبيب التنحي إذا كثروا أعجب إلي وهو الذي عليه الناس ويمنع المجذوم من المسجد ومن الجمعة ( مسألة ) | قال صاحب القبس التطبب قبل نزول الداء مكروه عند أصحابنا | وقال بعض العلماء هو جائز لحفظ الصحة صونا للجسم على العبادة | قال وأرى إن خشي نزوله جاز ( مسألة ) | قال عيادة المريض مؤكد طلبها لقوله &
( عائد المريض في غرفة الجنة ) ولما فيها من التأنيس والخير والألفة | وقال &
( من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال سبع مرات أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك ) عوفي من ذلك المرض | وربما وجده محتاجا لشيء فيسد خلته | قال التمريض فرض كفاية صونا للمريض عن الضياع فأولى الناس القريب ثم الصاحب ثم الجار ثم سائر الناس
____________________
(13/310)

( مسالة ) | قال صاحب البيان كره مالك الرقى بالحديد وغيره لأن الاستشفاء إنما يكون بكلام الله تعالى وأسمائه الحسنى واستخف أن ينجم الشيء ويجعل عليه حديده لما جعل الله تعالى في النجوم من المنفعة بالاهتداء وغيره | ولم ير بأسا بالخيط يربط في الأصبع للتذكار وقد ورد فيه حديث | وجوز تعليق الخرزة من الحمرة وأجاز مرة تعليق التمائم من القرآن وكرهها مرة في الصحة مخافة العين أو لما يتقى من المرض وأجازها مرة بكل حال | وفي الحديث من علق شيئا وكل إليه ومن علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعه فلا أودع الله له | ومنهم من أجازها في المرض دون الصحة لقول عائشة رضي الله عنها ما علق بعد نزول البلاء فليس بتميمة | وأما الرقى فمندوب إليه مطلقا للسنة | قال في المقدمات وأما التمائم بالعبراني وما لا يعرف فيحرم للمريض والصحيح لما يخشى أن يكون فيها من الكفر ( مسألة ) | قال ابن أبي زيد سئل مالك عن من به لمم فقيل له إن شئت قتلنا صاحبك فقال لا علم لي بهذا وهذا من الطب وكان معدن لا يزال يصاب فيه بالجن فأمرهم زيد بن أسلم أن يؤذن كل واحد منهم ويرفعون به أصواتهم ففعلوا فانقطع ذلك عنهم ( النوع الثامن عشر العين والوضوء إليها ) | وفي الموطأ اغتسل سهل بن حنيف بالخرار فنزع جبة كانت عليه وعامر بن عبد الله ينظر وكان سهل رجلا أبيض حسن الجلد فقال له عامر بن ربيعة ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء فوعك سهل مكانه واشتد وعكه فأخبر رسول الله & أن سهلا وعك فقال رسول الله & علام يقتل أحدكم أخاه ألا
____________________
(13/311)

بركت إن العين حق فتوضأ له عامر فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخله إزاره في قدح ثم صب عليه فبرئ سهل | قال الباجي الحرار موضع بالمدينة وقيل ماؤها | ومعنى العين أن الله تعالى أجرى عادته أنه إذا تعجب إنسان خاص ونطق ولم يبرك أن يصاب المتعجب منه وذلك معنى في نفس العائن لا يوجد في نفس غيره ومتى برك قال اللهم بارك فيه أو بارك الله فيه لم تضر عينه | وأجرى الله تعالى أن ذلك الوضوء شفاؤها | وقال ابن نافع بالوضوء كما تقدم وقال ابن دينار يديه ومرفقيه ولا يغسل ما بين اليد والمرفق وقال الزهري الذي قاله علماؤنا يؤتى العائن بقدح فيه ماء فيسمك مرتفعا من الأرض فيدخل كفه فيمضمض ثم يمجه في القدح ثم يغسل وجهه في القدح صبة واحدة ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على كفه اليمنى ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على ظهر كفه اليسرى صبة واحدة ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على مرفقه الأيمن ثم بيده اليمنى على مرفقه الأيسر ثم بيده اليسرى على قدمه اليمنى ثم بيده اليمنى على قدمه اليسرى ثم بيده اليسرى على ركبته اليمنى ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على ركبته اليسرى كل ذلك في قدح ثم يدخل داخلة إزاره ولا يوضع القدح في الأرض ويصب على رأس المعين من خلفه صبة واحدة | وقيل يعتقل ويصب عليه ثم يكفي القدح على ظهر الأرض وراءه | وداخلة إزاره هو الطرف المتداني الذي يفضي من مئزره إلى جلده لأنه إنما يمر بالطرف الأيمن على الأيسر حتى يشده بذلك الطرف المتداني الذي يكون من داخل | وعن ابن نافع لا يغسل موضع الخرزة من داخل الإزار وإنما يغسل الطرف المتداني | قال ابن أبي زيد الإزار الذي تحت الإزار مما يلي الجسد قال مالك | وقال ابن نافع الطرف الداخل المتدلي | قال ابن حبيب الذي يضعه المؤتزر أولا على حقوه | وفي الموطأ أمر رسول الله & بالرقية للعين وقال لو سبق شيء القدر لسبقته العين | تنبيه خلق الله النفوس مختلفة الهيآت فنفس مهيبة ونفس مهينة ونفس تؤثر بالعين ونفس تؤثر بالقتل | ففي الهند من إذا جمع نفسه على إنسان ذهب
____________________
(13/312)

قلبه من صدره فمات ويجربونهم في الرمانة يحطونها ويجمعون همتهم عليها فتفتح فلا يوجد فيها حب | وكذلك بعض النفوس خلق شفاف النفس إذا ارتاض حصلت له المكاشفة وإدراك المغيبات كان مؤمنا أو كافرا ولذلك لا يستدل بالمكاشفات على الديانات | ومنهم من خلق بحيث إذا نظر في أحكام النجوم بزعمه أو ضرب الرمل أو باليسر أو بالشعير أو غير ذلك مما يتعاطاه الناس أرباب الزجر لا يكاد يخطئ اصلا لخاصية في نفسه لا لأن ذلك المعنى حق | وكذلك الرقي الطلسات والسحريات تابع لخواص النفوس فرب رقية تؤثر مع شخص دون غيره | ومن جرب وجد | ولا عجب في أن تكون النفوس مختلفة الخواص بل الحيوان لأنه أبدع في المخوقات من النبات والجماد | وقد خص الله تعالى العقاقير النباتية والجمادية بأنواع السموميات والترياقيات والمنافع الغريبة والخواص العجيبة وجميع هذه الآثار في الجميع إنما هي صادرة عن قدرة الله تعالى ومشيئته عند هذه الأسباب العادية ولو شاء تعالى لم يكن شيء من ذلك فسبحان من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ( النوع التاسع عشر المهاجرة ) | وفي الموطأ قال &
( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) وقال &
( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا ) | قال الباجي عن مالك إن سلم عليه ولم يكلمه انقطعت المهاجرة لقوله & وخيرهما الذي يبدأ بالسلام فلو لم يخرج من المهاجرة لما مدح | وعنه إن كان غير مؤذ له فكذلك وإن كان مؤذيا له فلا يخرج بمجرد السلام لأن الأذى أشد من المهاجرة | وعن مالك المهاجرة من الغل | قال ابن القاسم إذا اعتزل كلامه ردت شهادته وإن كان غير مؤذ له | وفي
____________________
(13/313)

| المقدمات يخرج بالسلام من الهجران إن كان متماديا على أذيته والسبب الذي هجره من أجله فإن كان أقلع عن ذلك فلا يخرج من هجرانه ولا تجوز شهادته عليه إلا بالعود إلى ما كان عليه معه | قال هذا معنى قول مالك ويهجر أهل الأهواء والبدع والفسوق لأن الحب والبغض فيه واجب ولما في ذلك من الحث على الخير والتنفير من الشر والفسوق ( النوع العاشرون في المناجاة ) | في الموطأ قال &
( لا يتناجى اثنان دون واحد ) | قال الباجي قال ابن دينار لا يتسارى ويتركا صاحبهما وحده قرين الشيطان يظن بهما أنهما يغتابانه | وروي أن هذا إنما هو في السفر وروي أنه كان في بدء الإسلام وأكثر الناس على عمومه لأنه من مكارم الأخلاق | وعن مالك لا يتناجى ثلاثة دون واحد للنهي عن ترك واحد ولو كانوا عشرة أن يتركوا واحدا لما تقدم | قال صاحب المقدمات كلما كثرت الجماعة كان أشد وأقل أدبا في حقه | وإذا خشي المتناجيان أن صاحبهما يظن أنهما يتحدثان في غدره حرم عليهما كان في سفر أو حضر وإن أمنا كره في السفر والحضر لأنه يعم المنفرد من حيث الجملة ( النوع الحادي والعشرون ما يجري من الغرور والتدليس ) | وفي المقدمات لا يجوز للمرأة وصل شعرها ولا وشم وجهها ولا يديها ولا وشر أسنانها لقوله & في الصحيح
( لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشرة والمستوشرة والواشمة والمستوشمة والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله | فالوشم التغزير بالأبرة ثم يحشى موضعه بالكحل فيخضر | والوشر نحت الأسنان حتى تتفلج وتحدد أطرافها | والمتنمصات قال المازري في المعلم النامصة التي تنتف الشعر من الوجه والمتنمصة التي يفعل بها ذلك | وفي المقدمات ويجوز لها خضب يديها ورجليها بالحناء | وأجاز مالك
____________________
(13/314)

تطريف أصابعها ونهى عنه عمر بن الخطاب قال وهو يخطب يا معشر النساء اختضبن وإياكن والنقش والتطريف ولتخضب إحداكن يديها إلى هذا وأشار إلى موضع السوار | وسبب المنع في وصل الشعر وما معه التدليس والغرور قال صاحب المقدمات | تنبيه لم أر للفقهاء المالكية والشافعية وغيرهم في تعليل هذا الحديث إلا أنه تدليس على الأزواج ليكثر الصداق ويشكل ذلك إذا كانوا عالمين به وبالوشم فإنه ليس فيه تدليس | وما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء وصبغ الشعر وغير ذلك ( سؤال ) | قال &
( المؤمن لا يكون لعانا ) وورد اللعن في هذا الحديث وفي قوله &
( لعن الله اليهود حرمت الشحوم ) الحديث وفي وقوله &
( لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ) الحديث | وأجيب عنه بوجهين أحدهما أن هذا إخبار بوقوع اللعن الذي هو البعد من الله تعالى على هذه الطوائف لا دعاء وإنما حرم دعاء | الثاني أن لعان صيغة مبالغة وإنما يصلح لمن كان له ذلك عادة وكانت هذه اللفظات قليلة فلم تكن عادة فلم يندرج في النهي ( النوع الثاني والعشرون مخالطة الذكور للإناث ونحوه ) | في المقدمات لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة ليست منه بمحرم لقوله &
( إن الشيطان ثالثهما ) معناه يوسوس بينهما وإذا كان معه غيره خشي أن يطلع عليه تحدثه بالمعصية | ويجوز النظر للمتجالة لقوله تعالى ! 2 < والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة > 2 ! ولا يجوز له أن ينظر للشابة إلا لعذر من شهادة أو علاج أو
____________________
(13/315)

إرادة زوجها لقوله &
( هل نظرت إليها فإنه أحرى أن يدوم بينكما وتقدم بسطه في النكاح ) | ويجوز للعبد أن يرى من سيدته ما يراه ذو المحرم منها لقوله تعالى ! 2 < وما ملكت أيمانكم > 2 ! إلا أن يكون له منظر فيكره أن يرى ما عدا وجهها ولها أن تواكله إن كان وغدا دنيا يومن منه التلذذ بها بخلاف الشاب الذي لا يؤمن | واختلف في غير أولي الإربة الذين في الآية فقيل الأحمق المعتوه الذي لا يهتدي لشيء من أمر النساء وقيل الحصور والعنين الذي لا ينتشر للنساء وكذلك الخصي | والأول لمالك ويؤيده قول النبي & في المخنث الذي كان يلج على أزواجه لا يدخل هؤلاء عليكن | ولا يجوز للخصي الدخول على المرأة إلا أن يكون عبدها واستخف إذا كان عبد زوجها للمشقة الداخلية عليها في استتارها منه | وعنه جواز دخوله عليها إذ لم يكن حرا وكان عبد زوجها أو عبدها أو لغيرهما استحسانا | ويفرق بين الصبيان في المضاجع قيل لسبع سنين وقيل لعشر إذا ضربوا على الصلاة وهو ظاهر قوله &
( مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) | ولا يجتمع رجلان ولا امرأتان متعريين في لحاف لنهيه & عن معاكمة الرجل للرجل بغير شعار ومعاكمة المرأة المرأة بغير شعار | والمعاكمة هي ذلك لغة والمتاع المعكوم أي المشدود بعضه لبعض | وعكيم المرأة ضجيعها | قال ابن يونس يجوز له رؤية فرج امرأته في الجماع | ومنع مالك رؤية خادم
____________________
(13/316)

الزوجة فخذ وزوجها ولا يدخله عليه المرحاض وكذلك خادم ابنه وأبيه | ولا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أم زوجته | ولا ينبغي إن قدم من سفر أن تعانقه وإن كانت عجوزا وليبعد من أخت امرأته ما استطاع | ويتقدم للصناع في قعود النساء إليهم ولا تجلس الشابة عند الصانع إلا الخادم الدون ومن لا يتهم فيها | قال مالك لا بأس أن تغتسل المرأة في الفضاء بغير مئزر قال ابن أبي زيد قيل لمالك أيجامع إمرأته ليس بينهما ستر قال نعم قال إنهم يرون كراهيته قال ألغ ما يتحدثون قد كان النبي & وعائشة رضي الله عنها يغتسلان عريانين فالجماع أولى قال مالك لا بأس أن يأتزر تحت سرته ويبدي سرته إن كان عظيم البطن وأنكر ما يفعل جواري المدينة يخرجن قد كشفن ما فوق الإزار قال وقد كلمت فيه السلطان فلم أجب لذلك | قيل له فغلام بعضه حر هل يرى شعر سيدته قال لا أحبه | واحتجبت عائشة رضي الله عنها عن أعمى فقيل لها إنه لا ينظر إليك فقالت لكن أنظر إليه | قال ولا يعجبني النظر إلى شعر نساء النصارى | قال اللخمي يرى المكاتب شعر سيدته بخلاف المشرك وإن كان وغدا ( النوع الثالث والعشرون معاملة مكتسب الحرام كمتعاطي الربا والغلول وأثمان الغصوب والخمور ونحو ذلك ) | وفي الجواهر إما أن يكون الغالب على ماله الحرام أو الحلال أو جميعه حرام إما بأن لا يكون له مال حلال أو ترتب في ذمته من الحرام ما يستغرق ما بيده من الحلال | فإن كان الغالب الحلال أجاز ابن القاسم معاملته واستقراضه وقبض الدين منه وقبول هديته وهيبة وأكل طعامه وحرم جميع ذلك ابن وهب وكذلك أصبغ على أصله من أن المال إذا خالطه حرام يبقى حراما كله يلزمه التصدق بجميعه | قال أبو الوليد والقياس قول ابن القاسم وقول ابن وهب استحسان وقول أصبغ تشدد فإن قاعدة الشرع اعتبار الغالب
____________________
(13/317)

| وإن كان الغالب الحرام امتنعت معاملته وقبول هديته كراهة عند ابن القاسم وتحريما عند أصبغ إلا أن يبتاع سلعة حلالا فلا بأس أن يبتاع منه ويقبل هديته إن علم أنه قد بقي في يديه ما يفي بما عليه من التباعات على القول بأن معاملته مكروهة ويختلف على القول بالتحريم | فإن كان الجميع حراما على ما تقدم تفسيره ففي معاملته وهديته وأكل طعامه أربعة أقوال | يحرم ذلك كله وإن كانت السلعة التي وهب والطعام الذي أطعم علم أنه اشتراه نظرا إلى الثمن فإن علم أنه ورثه أو وهب له فيجوز إلا أن يكون قد ترتب في ذمته من الحرام ما يستغرق ما ورث أو وهب له فيكون حكمه حكم ما اشتراه وكذلك ما صاده | والقول الثاني أن معاملته تجوز في ذلك المال فيما ابتاعه من السلع وما وهب له أو ورثه وكان عليه من التبعات ما يستغرقه إذا عامله بالقيمة ولم يحابه نظرا لتجدد المالك ولا تجوز هبته في شيء من ذلك ولا محاباته لأنه مستغرق الذمة بما يتعين له هذا المال | والقول الثالث لا تجوز مبايعته في ذلك المال فإن اشترى به سلعة جاز أن تشترى وأن تقبل منه هبته وكذلك ما ورثه أو وهب له وإن استغرقه التبعات التي عليه | قال ابن حبيب وكذلك هؤلاء العمال فيما اشتروه في الأسواق فأهدوه لرجل جاز له | والقول الرابع يجوز مبايعته وقبول هبته وأكل طعامه في ذلك المال وفيما اشتراه أو وهب له أو ورثه وإن كان ما عليه من التبعات استغرقه | قال أبو الوليد فعلى هذا القول يجوز أن تورث عنه واختلف على القول بمنع معاملته في ذلك المال وقبول هبته وأكل طعامه هل يسوغ للوارث الوارثة أولا على قولين يسوغ بالموارثة لا بالهبة قاله سحنون والثاني لا يسوغ بالميراث كما لا يسوغ بالهبة ويلزم الوارث التخلي عن هذا المال والصدقة به كما كان يلزم الموروث
____________________
(13/318)

( مسألة ) | قال من اشترى سلعة حلالا بمال حرام والثمن عين قال أصحابنا يجوز شراؤها منه علم صاحبها بخبث الثمن أم لا لأن النقدين لا يتعينان | وأجاز ابن عبدوس مع العلم بخبث الثمن دون الجهل | وكره سحنون شراءها مع العلم والجهل | فأما شراؤها بعرض بعينه حرام فلا يجوز | فإن باع شيئا حراما بشيء حلال قال أحمد ابن نصر الداودي المأخوذ في الحرام حرام وحرم الحلال بيد لأخذه إن علم بذلك ( مسألة ) | قال ابن نصر الداودي وصايا السلاطين المعروفين بالظلم المستغرقي الذمة غير جائزة عنهم مردودة ولا تورث أموالهم لأن ما بين أيديهم للمظلومين إن علموا أو للمسلمين إن جهلوا ( مسألة ) | قال صاحب البيان قال مالك لا باس بحضور أهل الفضل الأسواق يشتري لنفسه وإن سومح لفضله وحاله فلا بأس به لأنه شيء كان منهم إليه دون سؤال | وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عته يدخل السوق وسالم بن عبد الله | قال الله تعالى ! 2 < وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق > 2 ! ردا لقول المشركين ! 2 < ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق > 2 ! ( مسألة ) | قال مال ببيت المال إن كان مجباه حلالا وقسم على الوجه المشروع فتركه إنما يكون ورعا وإيثارا لغيره على نفسه وهو حسن وإن كان محتاجا إليه فهو
____________________
(13/319)

ممن قال الله فيهم ! 2 < ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة > 2 ! وإن كان المجبا حلالا ولم يعدل في قسمته فمن العلماء من كره أخذه وأكثرهم يجيزه | وإن كان المجبا حلال وحراما فأكثرهم كرهه وأجازه أقلهم | فإن كان حراما صرفا حرم مالك الأخذ منه ومن العلماء من أجازه ومنهم من كرهه وهم الأكثر لأنه اختلط وتعذر رده غير أن غيره أحسن منه ( مسألة ) | قال معاملة الذمي آكل الربا وبائع الخمر في ذلك المال أخف من المسلم قال لكونه غير مخاطب بفروع الشريعة على الصحيح من الأقوال | وأجمعوا على أنه لو أسلم حل له ثمن الخمر ومال الربا بخلاف المسلم لو تاب له أن يعطيه في الجزية ( مسألة ) | قال جزم أصبغ بتحريم كراء القياسر والحوانيت المغصوبة والمبنية بالمال الحرام ولا يقعد عندهم في تلك الحوانيت ولا تتخذ طريقا إلا المرة بعد المرة إذا احتاج إلى ذلك ولم يجد منه بدا | وكذلك قاله ابن القاسم في المسجد | قال أصبغ وما اكتسب في الحوانيت فهو حرام | قال ابن رشد مقتضى الأصول عدم التحريم في المكتسب من الحوانيت ويلزمه الكراء لها في المدة الماضية ويحرم المقام فيها | وأما المبنية بالحرام فلا يحرم كراؤها بل يكره قال لأن البنيان لبانيه والحرام مرتب في ذمته | وكذلك المسجد تكره الصلاة فيه فقط | والمال الحرام الذي لا يعلم ربه سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين | وعلى هذا تجوز الصلاة دون كراهة إذا جهل صاحب المال الحرام الذي بني به المسجد ( مسألة ) | قال إذا غصبك وقضي عليه وليس عنده إلا مال حرام قال أصبغ لا يأخذ
____________________
(13/320)

ويتبعه بماله عليه وإن دفع لك اللص أو الغاصب غير مالك لا يحل لك أخذه | قال والذي يقتضيه القياس أخذ قيمة متاعه وإن استغرق ذمته الحرام ( مسألة ) | قال قال أصبغ الذي لا يؤدي زكاته ماله كله فاسد لا يعامل ولا يوكل منه وإن عامله أحد تصدق بما وصل إليه منه كمعامل الغاصب لأنه غاصب للمساكين بل أشد من الغاصب وليس من ظلم واحدا كمن ظلم الناس أجمعين لأن الزكاة ظلم الفقراء والمساكين والأصناف الثمانية وللمشتري منه الرد عليه | قال وهذا من أصبغ على أصله أن المال الذي بعضه حرام حرام كله وأما على رأي ابن القاسم إذا كان غالب ماله الحلال جازت معاملته | وأما إذا كان ناويا إخراج الزكاة فتجوز معاملته وهبته وعلى الواهب إثم التأخير | وقوله يتصدق بما عامله فيه فلا وجه له بل يتصدق بنائب المساكين وهو ربع عشره | وقوله يرد عليه ما اشتراه سواء على أصله ما ابتاع من الطعام الذي لم يزكه أو باع منه شيئا بدنانير لم يؤد زكاتها | وقيل لا يرد في الوجهين وهو المتجه على قوله ابن القاسم في المدونة إذا باع الثمرة بعد وجوب الزكاة لا يأخذها المتصدق من المشتري إن كان البائع عديما وقيل له ذلك في الطعام دون الدنانير | ولا خلاف أن من باع واشترى من مستغرق الذمة بالحرام وهو لا يعلم أن له الرد لأنه لم يرض بمعاملة الذمة الحرام ( مسألة ) | قال إمام الحرمين في كتابه الغياثي لو طبق الحرام الأرض جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجات ولا تقف إباحة ذلك على الضرورات ليلا يؤدي إلى ضعف العباد واستيلاء الكفرة على البلاد وتنقطع الناس عن الحرف والصنائع بسبب الضعف ولا ينبسط فيه كما ينبسط في المباح | قال وصورة هذه المسألة أن يجهل المستحق بحيث يتوقع معرفته فلو حصل الإياس منه
____________________
(13/321)

بطلت المسألة وصار ذلك المال من بيت المال وإنما جاز ذلك للضرورة | فإن جاز لمن حصلت له ضرورة غصب أموال الناس وهو واحد فجميع الناس أولى وقد يكون ذلك فاسقا عند الله تعالى والغالب أن الجماعة لا تخلو من ولي صالح ( مسألة ) | قال بعض العلماء إذا دفع إلينا الظلمة بعض أموال الناس وعلمنا أنه مغصوب والآخذ ممن يقتدى به وأخذه يفسد ظن الناس فيه حرم عليه أخذه لما فيه من تضييع مصالح الفتيا والاقتداء وهذه المصالح أرجح من رد المغصوب على ربه | وإن كان غير مقتدى به وأخذه لنفسه حرم عليه أو ليرده على المغصوب منه جاز | فإن جهل مالكه وجب عليه أن يعرفه فإن تعذرت معرفته صرف في المصالح العامة | وإن كان المال مأخوذا بحق فإن كان من أهل ذلك المال لكونه من أهل الزكاة أو الخمس وأعطي قدر حقه أخذه أو زائدا أخذ حقه ويبقي الزائد عنه لأهله وإن كان من الأموال العامة أخذه إن لم تفت بأخذه مصلحة الفتيا والاقتداء وصرفه في الجهات العامة | قاعدة كل محرم إما لأجل وصفه كالخمر أو سببه كالبر المغصوب | وكل ما حرم بوصفه فلا يحل إلا بسببه كالميتة مع الضرورة | وكل ما حرم بوصفه فلا يحرم إلا بسببه | وقد يقع التعارض في الوصف كالضبع من جهة أن لها نابا وأنها كانت تباع في الحرم من غير نكير | وقد يقع في السبب كالعقد المتخلف فيه وتعارض الأدلة فيكون ذلك موجبا للورع | ثم الشبهة على قسمين قسم يجوز الإقدام معه كشبهة الورع وشبهة يحرم الإقدام معها كشبهة درء الحد كالأمة المشتركة | تنبيه أجمعت الأمة على أن المفسدة المرجوحة مغتفرة مع المصلحة الراجحة فكيف وقع الخلاف إذا خالط يسير حرام كثيرا حلالا والجواب أن الجمع هاهنا متيسر بالإبراء من ذلك اليسير أو الانتظار للقسمة أو الإقرار عند الحاكم وموضع الإجماع حيث يتعذر الجمع
____________________
(13/322)

( مسألة ) | في الجواهر قال أبو عبد الله عماد الدين وقوامه هو المطعم وطيبه فمن طيب مطعمه زكى عمله وإلا خيف عليه عدم القبول لقوله تعالى ! 2 < إنما يتقبل الله من المتقين > 2 ! وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله & فقالت من المؤمن قال الذي إذا أمسى سأل من أين قرصه | قالت يا رسول الله من المؤمن قال الذي إذا أصبح سأل من أين قرصه | قالت يا رسول الله لو علم الناس لتكلفوه قال قد علموا ذلك ولكنهم غشموا المعيشة غشما أي تعسفوا تعسفا | ونظر & إلى المصلين فقال لا يغرني كثرة رفع أحدكم رأسه وخفضه الدين الورع في دين الله والكف عن محارم الله والعمل بحلال الله وحرامه وقال الحسن الذكر ذكران ذكر اللسان فذلك حسن وأفضل منه ذكر الله عند أمره ونهيه | تنبيه الدين أن يتكيف القلب بخوف الله وإجلاله حتى يكون بحيث يشق عليه مشقة عظيمة أن يجده الله تعالى حيث نهاه أو يفتقده حيث اقتضاه فهذا هو الرجل الدين ليس بكثرة الأعمال الظاهرة ولكن هذه الحالة قد يجعلها الله ثمرة الأعمال الظاهرة | تنبيه إذا وقعت العبادة بشروطها وأركانها فقد أجزأت إجماعا وبرئت الذمة فما معنى القبول الذي يشك فيه بعد ذلك قال العلماء القبول الذي يختص بالمتقين هو ترتب الثواب ورفع الدرجات بها وفيض الإحسان وهو غير الإجزاء لأن الإجزاء معناه أنه صار غير مكلف بتلك العبادة وهذا عدم المواخذة ولا يلزم من عدم المواخذة حصول الدرجات والمثوبة ( فرع ) | في الجواهر ليس من الورع شراء ما اشتري شراء فاسدا فإن فواته بالبيع
____________________
(13/323)

إنما هو يمنع بعضه والشبهة قائمة فيه للخلاف في تقرر الملك بين العلماء | وكذلك يكره شراء طعام ممن أكرى الأرض بالطعام وإن كان الطعام له لفساد العقد ويتحرى أبدا الأشبه | وإذا أخبر البائع أن طعامه حلال وهو ثقة يعلم حدود الشرع صدق وإلا لم يتحقق الورع لكنه خير ممن يقول لا أدري | وما غلب عليه الريبة في الأسواق اجتنب حتى يظهر صحة أصله | وإذا لم يوجد ما يتحرى به إلا سؤال الباعة اعتمد على أصدقهم | ومنع سحنون رجلا كسبه من بلاد السودان أن يعمل قنطرة يعبر الناس عليها وليس في كسب بلاد السو
دان إلا السفر إليها فيجتهد الإنسان بحسب الإمكان 

تعليقات